السبت، 11 يونيو 2011

الحية في أصفهان

    من المرويات التاريخية وربما الإسرائيليات أن آدم وحواء عليهما السلام عندما أكلا من الشجرة المحرمة بتحريض من ابليس وبمساعدة الحية أنزل الله آدم في الهند وحواء في جدة وإبليس في دستميسان قرب البصرة والحية في أصفهان، وبغظ النظر عن مدى صحة هذه الرواية الا أن هبوط الحية في اصفهان يتوافق مع الدور الخبيث الذي تقوم به ايران تجاه الخليج من قديم الزمان.

    لن اتناول في هذا البوست كل ما يتعلق بمطامع ايران في منطقة الخليج العربي ولا ما تمثله من أخطار بل فقط بعض المعلومات التاريخية التي ربما تغيب عن الكثير منا عن هذا الخطر وما أحداث البحرين والشبكة التجسسية في الكويت عنا ببعيد، وبالتأكيد هذا الموضوع يتناول ايران الدولة وليس المذهب.

     ايران هذه الدولة القومية والإثنية في عصورها المختلفة والتي تظهر الآن برداء ديني يدعي مقاومة الامبريالية والعدو الصهيوني هي الدولة الوحيدة في العالم ذات الدستور الديني الطائفي والتي تشهد أعلى نسبة اعدامات والاضطهادات تجاه سكانها والتي لا تختلف سياستها وأطماعها في الخليج العربي باختلاف النظام الحاكم فيها وان اختلفت مظاهرها.

    عملت ايران باختلاف فتراتها على بث روح الكراهية والعدوان بين الإيرانيين وسكان الخليج العربي من العرب حتى الآن بل ان العرب في ايران يطلق عليهم لفظة سيئة، ومن الأقوال المشهورة للشاه رضا بهلوي لابنه محمد: "لقد حررت الشاطئ الشرقي للخليج من العرب وعليك أن تحرر الشاطئ الغربي".

    من المعروف ان ايران تحتل ٣ جزر اماراتية منذ عام ١٩٧١م وهي جزيرة أبو موسى التابعة للشارقة وجزيرتي طنب الكبرى والصغرى التابعة لرأس الخيمة والتي رفض الخميني اعادتها للإمارات بحجة ان كلا الدولتين اسلاميتين فمليكيتهما واحدة!! ولكن هناك جزر أخرى تحتلها ايران وهي جزيرة سيري التابعة للشارقة مطلع القرن العشرين وجزيرة فارسي والتي تقابلها جزيرة عربي التابعة للكويت وتقع جنوب الجون عام ١٩٥٦م مما جعل الشيخ عبدالله السالم يقدم احتجاج شديد اللهجة لبريطانيا لتفريطها بحق الكويت في الجزيرة.

    ترى ايران أن جميع المناطق التي تقع على الساحل الغربي للخليج العربي هي أراضي ايرانية عمل الاستعمار على انتزاعها منها، وقد عملت على تأكيد هذا الادعاء بممارسات واجراءات كانت متكررة وفي فترات طويلة ومنها:-


  1. أصدرت الحكومة الفارسية في عشرينات القرن الماضي تعليماتها الى سلطات أقاليمها باعتبار مواطني الكويت ومسقط والامارات مواطنين فرس.
  2. لا تعترف السلطات الايرانية وحتى الخمسينات بجوازات السفر الخليجية فكانت تجبر المسافرين الخليجيين على حمل جوازات ايرانية أو ورقة تقول أن حاملها مسافر من ميناء ايراني الي داخل ايران.
  3. ادعاءات ايران المتكررة بتبعية البحرين لها، فقد ادعت لدي عصبة الأمم عام ١٩٢٧م ان البحرين تابعة لها بسبب توقيع اتفاقية جدة بين بريطانيا والسعودية وجاد في أحد موادها ان البحرين دولة مستقلة، كما احتجت على على منح البحرين شركة ستاندارد كاليفورنيا امتياز للتنقيب عن النفط عام ١٩٣٠م، واحتجت عام ١٩٣٨م لصدور قانون الجنسية البحريني، واحتجت لدي روما على قصف ايطاليا للقاعدة البريطانية في البحرين عام ١٩٤٠م واعتبرته اعتداء على أراضيها، وعندما أمم مصدق النفط في ايران عام ١٩٥١م اعتبر هذا القرار سارياً في البحرين التي اعتبرتها عام ١٩٥٧م المديرية ١٤ الايرانية وخصصت لها مقعدين في مجلس النواب، كما اعترضت على اتفاقية الرياض ١٩٥٨م لتعيين الحدود وسبل التعاون الاقتصادي بين السعودية والبحرين، وكل ما سبق انطلاقاً من تبعية البحرين لإيران.
  4. في عام ١٩٥٣م احتجت ايران لدي العراق على مشاركة الشيخ عبدالله السالم حاكم الكويت وممثل عن حاكم البحرين في حفل تتويج الملك فيصل في العراق لأنه لا يحقق للحكومة العراقية استقبال ممثلين عن الكويت والبحرين لأن ممثل ايران يمثلهما معاً، كما احتجت على زيارة ملك العراق للكويت في العام نفسه دون استئذان ايران بحجة ان الكويت من ممتلكاتها.
  5. انشاء مدرسة في دبي لا يدخلها سوى الايرانيين عام ١٩٥٧م وتدرس اللغة الفارسية وتعطي دروس في العسكرية والجاسوسية وتروج أن هذه الأراضي هي أراضي تابعة لإيران اغتصبت منها وستعيدها، كما افتتحت في البحرين عام ١٩١٣م مدرسة بمنهج ولباس ونظام فارسي وحصص عسكرية علنية ويحصل طلابها على منح في الجامعات الايرانية وتصدق شهاداتهم من ادارة التعليم في بوشهر الايرانية.

    كل ما سبق هو غيض من فيض، وفي الفترة حتى خمسينات القرن الماضي، وما زالت هذه الأطماع موجودة ومستمرة، لذلك فالخطر الذي يتهدد دول الخليج بسكانه باختلاف مذاهبهم وأصولهم وانتماءاتهم هو الخطر الايراني بلا شك.

السبت، 4 يونيو 2011

العملية هيىــبرون Operation Hebron



     لست من عشاق الروايات البوليسية أو الجاسوسية بشكل عام والتي اشتهرت طوال سنوات الحرب الباردة وانحسرت بنهايتها، لكن هذه الرواية المثيرة تجبرك على قراءتها وأكثر من ذلك أنك لا تستطيع أن تتركها لتستكملها في وقت لاحق، وقد قرأت هذه الرواية من ٥ سنوات تقريباً وعدت لقراءتها مجدداً، ربما لأن عقلي المتآمر دعاني لذلك في هذا الوقت وفي هذه الظروف، ولكم أن تتخيلوا هذه الظروف :) كما من حقكم أن تفكروا في ذلك وفق قراءاتكم للأحداث المختلفة :).

     تكمن أهمية الرواية واثارتها في ٣ نقاط:

الأولى: أن مؤلفها إيريك جوردان عميل سري لـ CIA عمل في مناطق كثيرة في منطقة الشرق الأوسط منها ليبيا، لبنان، ايران واسرائيل بالاضافة الى دول أوروبية وأفريقية، ثم عمل كضابط اتصال في إدارة الشرق الأوسط في الإستخبارات الأمريكية ثم مستشار استخباراتي للرئيس الأمريكي رونالد ريغان، لذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن هذه الرواية ربما مزجت بين الحقيقة والخيال وهو ما جعل محمد حسنين هيكل يصفها: "بالخيال الملتبس بالحقيقة والحقيقة الملتبسة بالخيال" فكانت تأكيداً لحقائق بشكل روائي.

الثانية: هو الأسلوب الأدبي المثير الذي كتبت به هذه الرواية (وكيف لا وكاتبها رجل استخباراتي لمدة ٣٠ سنة)، فالرواية تأخذك باثارة وتصاعد مستمر للأحداث حتى نهايتها المثيرة وكأنك تتمنى لم كان هناك المزيد من الصفحات.

الثالثة (الأهم): الفكرة المثيرة التي بنيت عليها الرواية، ففكرة الرواية تدور حول مشروع استخباراتي اسرائيلي على أعلى المستويات من السرية والمغامرة لايصال عضو كونجرس أمريكي وعميل إسرائيلي لمدة ٢٠ سنة الى سدة الرئاسة في أمريكا وتم تسمية هذه العملية بالعملية هيبرون، ومبررات هذا القرار الذي جاء في وقت كانت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أسوء حالاتها، هو ليس مجرد التأثير في السياسة الأمريكية والذي تملكه اسرائيل بالفعل بل السيطرة على أقوى مكتب على سطح الأرض كما صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي في الرواية.

     تبدأ الرواية بصوت طلقات نارية مساء اعلان نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية في مبنى سكني في واشنطن العاصمة، ينتج عنه ٣ جثث غارقة في بحر من الدماء والأشلاء، ورجل يحدق مصدوماً في هذه الجثث، وبعد أن يفيق من هذه الصدمة يتصل على سفارته الإسرائيلية التي تطلب منه انتظار الشرطة وعدم التصريح بشيء اعتماداً على حصانته الدبلوماسية، أما القتلى ويا لسخرية القدر كضحية انتقام قاتلة محترفة فهم الرئيس الأمريكي والعميل الإسرائيلي المنتخب للتو والذي تواجد صدفة للقاء مدير مكتب الموساد في واشنطن الذي قتل كذلك بالاضافة لقاتل مأجور كان شريكاً للقاتلة، ثم تتوالى بعد ذلك أحداث الرواية المثيرة.

     ورغم أن هذه الخطة قد عرف فيها الرئيس الأمريكي عن طريق الرئيس الروسي الذي عرف بهذا المخطط عن طريق عميل روسي في اسرائيل، اتضح فيما بعد أنه رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، إلا أنه لم يكتشف حقيقة هذا المرشح الأمريكي والعميل الإسرائيلي إلا بعد اعلان نجاحه في الانتخابات وقتله في صدفة غريبة (ويا لمحاسن الصدف :).

     بعد هذا المختصر عن الرواية وحتى لا أكثر عليكم من التفاصيل لاعطائكم فرصة لقراءة الرواية، فاعتقد اتضحت الصورة في السبب الذي دعاني للكتابة عنها، كما أن هذه الرواية تستحق القراءة فهي ممتعة بجميع تفاصيلها:).




لتحميل الرواية

الأربعاء، 1 يونيو 2011

جلسة الثلاثاء: الشيطان يكمن في التفاصيل


ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار مالم تزود

     هذا ما ختمت به البوست الأخير "غريغوري السابع والقديس برنار والشيخين ناصر وأحمد" عن الصراع بين سلطتين أو رأسين في الحكومة والأسرة، وتساءلت فيه: هل سيسهم الشيخ ناصر المحمد في فشل أحمد الفهد في تفنيد الاستجواب المستحق المقدم له أم ستكون كلفة نجاح الفهد على المحمد عالية؟، ولكن هذه الأيام وما جاءت به من أخبار ما هان عليها ان تتركنا ننتظر طويلاً، ففي يوم الثلاثاء كان الخبر اليقين.

     "الشيطان يكمن في التفاصيل" فمعرفة أدق تفاصيل ما حدث في جلسة الأمس يعطينا صورة واضحة وجلية لحجم الصراع بين أقطاب الأسرة في الحكومة، والتي يبدو أن ناصر المحمد خرج منها منتصراً حتى الآن أمام أحمد الفهد، واللي ما يدري منو طقاقه.

     يبدو أن ما حدث في جلسة الأمس تم الاعداد له جيداً وبخبث من قبل رئيس الحكومة بمساعدة أطراف عده، وهذا ربما لم يغب عن ذهن أحمد الفهد الذي دخل المجلس دون أن يتخذ قراراً بمواجهة الاستجواب أو طلب احالته للتشريعية، وإن كان متفاجئاً بحجم هذا المخطط لذلك كان متردداً بين الخيارين، وهذا ما يفسر تناقض الأخبار بصعوده المنصة من عدمه منذ أن تقديم الاستجواب له، ويدلل عليه أن الفهد لم يقدم مبررات طلبه احالة الاستجواب المقدم له للجنة التشريعية.

     بدأ المخطط بتصريح العفاسي بأن الحكومة تركت الخيار للوزير المستجوب بصعود المنصة او طلب تحويل الاستجواب للتشريعية او الدستورية وكل وزير يتحمل مسؤولية قراره ، في نسف واضح لمبدأ التضامن الوزاري، في الوقت الذي صرح فيه ناصر المحمد بقراره صعود المنصة وتفنيد الاستجواب الموجه له والموضوع في جدول اعمال المجلس خلف بند الاستجواب الموجه للفهد، لكن المحمد طلب التأجيل اسبوعين بعد طلب أحمد الفهد احالة استجوابه للتشريعية رغم أن المحمد غادر البلاد مباشرة، فكيف سيناقش المحمد الاستجواب المقدم له؟.

     كذلك من الواضح أن التضامن الحكومي في الجلسة كان ضعيفاً جداً في مقابل ما تعرض له أحمد الفهد من هجوم المستجوبين ونواب كتلتهم، في الوقت الذي اكتفت فيه الحكومة بمداخلتين هزيلتين من الوزيرين البصيري والمليفي لم توقف الهجوم والتجريح السياسي الذي يتعرض له الفهد، وكأن الأمر لا يعني الحكومة والتي كانت أكثر حده وشراسة في الرد على استجوابات أخرى لوزراء آخرين.

     وما ينطبق على الحكومة ينطبق كذلك على رئيس مجلس الأمة والذي كان على غير العادة آكثر أريحية وتسامح في ادارته لجلسة الاستجواب مقارنةً بجلسات استجواب أخرى، بل أنه مارس في فترات نوع من الضغط على الوزير المستجوب بحثه أحمد الفهد على الصعود للمنصة والرد على الاستجواب.

     أما موقف الأعضاء من طلب أحمد الفهد احالة استجوابه للجنة التشريعية فمجرد القاء نظرة على الأسماء التي رفضت طلب الفهد يغني عن الكثير، فمن يصدق أن خالد العدوة وسعد الخنفور وسعد زنيفر وعسكر العنزي ومحمد الحويلة ومخلد العازمي وغانم اللميع من الممكن أن يصوتوا ضد طرف قوي في الحكومة كأحمد الفهد إلا أن يكون من أمرهم أقوى منه.

     إن ما تحمله الأيام القادمة سيكشف الكثير مما لا زال خافياً عن حقيقة الصراع السياسي الحكومي الأسري في الكويت، فاستجواب المحمد تم تأجيله اسبوعين كما أن احالة استجواب الفهد للجنة التشريعية ووصول ردها سيستغرق اسبوعين كذلك، فهل يستغل الفهد هذه المهلة لترميم وسد الثغرات الكثيرة في صفوفه، ام تعطي هذه المهلة المحمد الوقت اللازم لاحكام الخناق حول الفهد؟، ومرة أخرى:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار مالم تزود