الجمعة، 7 أكتوبر 2011

أخوة التراب : الهنود الحمر


     شاهدنا الكثير من الأفلام الأمريكية أو ما يسمى بأفلام الويسترن WESTERN والتي تدور أحداثها في الغرب الأمريكي والذي يوصف ظلماً بالغرب المتوحش Wild West والصراع الذي يدور بين الرجل الأبيض الأمريكي جالب الحضارة والتمدن لهذه المنطقة والذين يطلق عليهم في الثقافة الأمريكية اسم "الرواد" والذين يقودون عرباتهم Wagon وينشؤون اقطاعاتهم الخاصة ومزارعهم البلانتيشن Plantation، وبين السكان الأصليين والذين يطلق عليهم خطأً الهنود الحمر، الوثنيين والمدافعين عن التخلف وأعداء الحضارة، وقد أصبحت هذه هي الصورة الذهنية لدينا عن الهنود الحمر دون أن نكلف أنفسنا عناء البحث والتقصي فأصبح الغزاة هم السكان الأصليين والسكان الأصليين هم المستوطنين، فهل يوجد أصدق من جون واين وكلينت ايستوود وتشارلز برونسون وميل جيبسون؟؟

     وكنت ممن يملك التصور السابق عن الهنود الحمر مع بعض المعلومات البسيطة لولا أن حدث أن لفت انتباهي في مطار سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأمريكية (احدى المواطن القديمة للهنود الحمر) كتاب صمم على شكل بطاقات ملونة عن الهنود الحمر، لفت انتباهي لونها وجمال تصميمها فقررت شراؤها، فاكتشفت الكثير مما أجهل عن هذه الحضارة العريقة والأصيلة في الولايات المتحدة الأمريكية.

     يرى الهنود الحمر أنهم أبناء الإله أجيبو وكانت ولادتهم فترة الطوفان الذي عم الأرض، فنزلت امرأة السماء الحامل الى الأرض على ظهر سلحفاة لأخذها الى الأراضي الجافة للراحة، والتي عندما وصلتها تنفست الحياة في الأرض فولدت أبناء أجيبو، لذلك يعتبر الهنود الحمر كل ما يعيش على هذه الأرض أخوة لهم من حيوان ونبات، فلا يقوم الهندي بقتل حيوان أو قطع نبات الا للحاجة وبعد أن يركع على قدميه ويعتذر، هذه الرواية هي ميثولوجيا هندية، أما التفسير العلمي لأصل الهنود الحمر وكيفية وصولهم الى أمريكا الشمالية فهو أنه قبل ١٢ ألف سنة هاجرت قبائل رحل من آسيا فعبروا مضيق بيرينغ الفاصل بين سيبيريا في روسيا وألاسكا في الولايات المتحدة الأمريكية الآن ثم اتجهوا شرقاً وجنوباً في جميع أنحاء القارة .

     وسواء صدقت القصة الميثولوجية الشاعرية أو صدقت الرواية العلمية لا يهم، ما هو مؤكد أنه عندما تم اكتشاف أمريكا عام ١٤٩٢م كان يقيم فيها تقريباً ١١٠ مليون نسمة من الأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر)، ولأن كولومبس مكتشف أمريكا (هناك كتابات حديثة اثبتت أن كولومبس لم يكن أول من اكتشف أمريكا منها كتاب معذرة كولومبس للعالمة الألمانية هاينكه زودهوف ) اعتقد أنه وصل الى الهند فقد أطلق على هؤلاء السكان اسم الهنود ثم تحول فيما بعد الى الهنود الحمر تمييزاً لهم عن الهنود في آسيا.

     وبعد استقرار الأوروبيين في أمريكا بدأت عمليات الإبادة للهنود الحمر وقبائلهم الخمسين، حيث تم ابادة ٩٥٪ منهم تقريباً، حتى وصل عددهم مطلع القرن العشرين الى ٢٥٠ ألف هندي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعضهم قضوا نتيجة للأمراض التي جلبها المستعمر الأوروبي.

     البوست القادم ان شاء الله عن أهم هذه القبائل الهندية


الخميس، 11 أغسطس 2011

٢ أغسطس ١٩٩٠م والتاريخ العبء

     يميز المفكر القومي العربي قسقطنطين زريق بين التاريخ العبء والتاريخ الحافز ، فنجد أن من مجموع مؤلفاته الكثيرة كتابين أحدها بعنوان "نحن والتاريخ" والآخر بعنوان "نحن والمستقبل" وهو تأكيد على أهمية التاريخ والمستقبل دون طغيان أحدها على الآخر فلا افراط ولا تفريط في تاريخ الأمم ولا مستقبلها كذلك، فنجد الماضي أحياناً ما يكون أفيوناً للشعوب ومخدراً لها تجتر من خلاله آلامها بدلاً من ان يكون حافزاً ومستنهضاً لها ، فالتاريخ حمال أوجه يستدعى وقت الانتصارات ووقت الهزائم.

     ويمر علينا خلال هذا الشهر الكريم الذكرى ٢١ للغزو العراقي لدولة الكويت في ٢ أغسطس ١٩٩٠م واحتلال أرض وتشريد شعب، فكل عام نستحضر الذكرى ولا نستلهم العبره ، نستعيد الآلام ونتناسى الآمال ، فالأحداث الداخلية المتكررة والأزمات التي لا تنتهي تدلل على أننا كحكومة وشعب لم نستوعب دروس الماضي ، فالحكومة بعيدة كل البعد تحقيق طموحات مواطنيها وآمالهم ، بل انها الفاعل الرئيسي فيما يحدث من تصدع للجبهة الداخلية دون ان تعي من درس الغزو ان تماسك المواطنين بجميع فئاتهم والتفافهم حول القيادة الشرعية كان العامل الأساسي في تحرير بلادنا .

     إن الأمم القوية هي من تجعل من آلامها وقوداً لمستقبلها ونقطة فاصلة للانتقال من حالة العجز الى حالة القدرة ، فتستعيد دروس الماضي وتحول هذا التاريخ المؤلم الي التاريخ الحافز بدلاً من أن يكون عبئاً عليها ، فيجب شحذ الهمم لوعي دروس الغزو في زمانه ومكانه دون أن نلبسه رداء الحاضر ونحمله وزر الواقع واللحظة كأن نقول كلما صادفتنا مشكلة "كله من الغزو" ، فاليابان لم تنس هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وضربها بقنبلتين ذريتين وتقيم أيام ذكرى هذه الهزيمة لكنها جعلتها تاريخاً حافزاً  لنهضتها وتطورها.

     يجب أن تتغير نظرتنا الى الغزو العراقي للكويت في ٢ أغسطس ١٩٩٠م ، فنجد فيه سر قوتنا ومنطلقاً لمستقبلنا ، نتخذه ذكرى لشحذ الهمم ومراجعة للنفس ، وفرصة لنقد الذات لا جلده .

الجمعة، 8 يوليو 2011


The Jewish Minority in the Arabian Gulf Area since the mid-19th century until the mid-20th century
Submitted by :
Yousef Ali Almoutairi
Kuwait University


Thesis Summary
This study discussed the existence of the Jewish minority in the Gulf Region since the mid-19th century until the mid-20th century . It discussed their social and economical situation besides their relations with the people, local authorities, foreign authorities, the Zionist movement and the state of Israel. I prefaced for this by mentioning the history of the Jewish minority settlement in Arabia. I tried to answer many of the queries and solve many of the problems related to different minorities which settled in the Arabian Gulf region in the modern age. I set the Jewish minority as an example, relying on local and foreign sources in presenting the information. I presented information, with a compreherive and accurate reading about this minority as a part of the unspoken history which was neglected by other studies and writings whether intentionally or unintentionally. In this study, I made use of historical critical approach, its tools, and the different interpretations of its school in analyzing the historical data, searching for information in its original sources whether in Arabic or foreign languages, criticizing and cross examining the data. I also made use of verbal sources such as personal meetings with individuals who witnessed these events or part of it.
26-6-2011


اليهود في منطقة الخليج العربي

     بعد بحث علمي استغرق مني ما يقارب ٣ سنوات تم بحمد الله مناقشة أطروحتي في الماجستير المقدمة لجامعة الكويت والتي جاءت بعنوان :
الأقلية اليهودية في منطقة الخليج العربي منذ منتصف القرن ١٩ وحتى منتصف القرن ٢٠ م ، وكانت المناقشة بتاريخ ٢٦-٦-٢٠١١م ، وأشرف على الأطروحة الأستاذ الدكتور عبدالمالك التميمي ، وهنا رابط خبر المناقشة في جريدة القبس الكويتية :
وهذه بعض صور المناقشة :




     ويتلخص موضوع الأطروحة في دراسة تاريخ تواجة الأقلية اليهودية في منصقة الخليج العربي في العصر الحديث وحياة هذه الأقلية الاجتماعية وأنشطتها الاقتصادية وعلاقاتها بالسكان المحليين والسلطتين المحلية والأجنبية وعلاقتها بالصهيونية ودولة اسرائيل المزعومة في مناطق عمان والكويت والأحساء والبحرين ، وهي الدراسة الأولى في مجالها ، وحافلة بالكثير من المعلومات المثيرة التي تنشر لأول مرة .

     وقد حاولت الاجابة على  الكثير من التساؤلات والإشكاليات المتعلقة بتاريخ هذه الأقلية المثيرة للجدل وصححت الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة اعتماداً الوثائق البريطانية والعثمانية ووثائق البيع والشراء والوقف المحلية في مناطق الدراسة ، بالاضافة الى المقابلات الشخصية في الكويت والبحرين والأحساء والولايات المتحدة الأمريكية .


وسوف أعمل قريباً بعد أخذ فترة بسيطة من التمرد على الوقت على نشر هذه الدراسة في كتاب وبانتظار عروض الناشرين :)

السبت، 11 يونيو 2011

الحية في أصفهان

    من المرويات التاريخية وربما الإسرائيليات أن آدم وحواء عليهما السلام عندما أكلا من الشجرة المحرمة بتحريض من ابليس وبمساعدة الحية أنزل الله آدم في الهند وحواء في جدة وإبليس في دستميسان قرب البصرة والحية في أصفهان، وبغظ النظر عن مدى صحة هذه الرواية الا أن هبوط الحية في اصفهان يتوافق مع الدور الخبيث الذي تقوم به ايران تجاه الخليج من قديم الزمان.

    لن اتناول في هذا البوست كل ما يتعلق بمطامع ايران في منطقة الخليج العربي ولا ما تمثله من أخطار بل فقط بعض المعلومات التاريخية التي ربما تغيب عن الكثير منا عن هذا الخطر وما أحداث البحرين والشبكة التجسسية في الكويت عنا ببعيد، وبالتأكيد هذا الموضوع يتناول ايران الدولة وليس المذهب.

     ايران هذه الدولة القومية والإثنية في عصورها المختلفة والتي تظهر الآن برداء ديني يدعي مقاومة الامبريالية والعدو الصهيوني هي الدولة الوحيدة في العالم ذات الدستور الديني الطائفي والتي تشهد أعلى نسبة اعدامات والاضطهادات تجاه سكانها والتي لا تختلف سياستها وأطماعها في الخليج العربي باختلاف النظام الحاكم فيها وان اختلفت مظاهرها.

    عملت ايران باختلاف فتراتها على بث روح الكراهية والعدوان بين الإيرانيين وسكان الخليج العربي من العرب حتى الآن بل ان العرب في ايران يطلق عليهم لفظة سيئة، ومن الأقوال المشهورة للشاه رضا بهلوي لابنه محمد: "لقد حررت الشاطئ الشرقي للخليج من العرب وعليك أن تحرر الشاطئ الغربي".

    من المعروف ان ايران تحتل ٣ جزر اماراتية منذ عام ١٩٧١م وهي جزيرة أبو موسى التابعة للشارقة وجزيرتي طنب الكبرى والصغرى التابعة لرأس الخيمة والتي رفض الخميني اعادتها للإمارات بحجة ان كلا الدولتين اسلاميتين فمليكيتهما واحدة!! ولكن هناك جزر أخرى تحتلها ايران وهي جزيرة سيري التابعة للشارقة مطلع القرن العشرين وجزيرة فارسي والتي تقابلها جزيرة عربي التابعة للكويت وتقع جنوب الجون عام ١٩٥٦م مما جعل الشيخ عبدالله السالم يقدم احتجاج شديد اللهجة لبريطانيا لتفريطها بحق الكويت في الجزيرة.

    ترى ايران أن جميع المناطق التي تقع على الساحل الغربي للخليج العربي هي أراضي ايرانية عمل الاستعمار على انتزاعها منها، وقد عملت على تأكيد هذا الادعاء بممارسات واجراءات كانت متكررة وفي فترات طويلة ومنها:-


  1. أصدرت الحكومة الفارسية في عشرينات القرن الماضي تعليماتها الى سلطات أقاليمها باعتبار مواطني الكويت ومسقط والامارات مواطنين فرس.
  2. لا تعترف السلطات الايرانية وحتى الخمسينات بجوازات السفر الخليجية فكانت تجبر المسافرين الخليجيين على حمل جوازات ايرانية أو ورقة تقول أن حاملها مسافر من ميناء ايراني الي داخل ايران.
  3. ادعاءات ايران المتكررة بتبعية البحرين لها، فقد ادعت لدي عصبة الأمم عام ١٩٢٧م ان البحرين تابعة لها بسبب توقيع اتفاقية جدة بين بريطانيا والسعودية وجاد في أحد موادها ان البحرين دولة مستقلة، كما احتجت على على منح البحرين شركة ستاندارد كاليفورنيا امتياز للتنقيب عن النفط عام ١٩٣٠م، واحتجت عام ١٩٣٨م لصدور قانون الجنسية البحريني، واحتجت لدي روما على قصف ايطاليا للقاعدة البريطانية في البحرين عام ١٩٤٠م واعتبرته اعتداء على أراضيها، وعندما أمم مصدق النفط في ايران عام ١٩٥١م اعتبر هذا القرار سارياً في البحرين التي اعتبرتها عام ١٩٥٧م المديرية ١٤ الايرانية وخصصت لها مقعدين في مجلس النواب، كما اعترضت على اتفاقية الرياض ١٩٥٨م لتعيين الحدود وسبل التعاون الاقتصادي بين السعودية والبحرين، وكل ما سبق انطلاقاً من تبعية البحرين لإيران.
  4. في عام ١٩٥٣م احتجت ايران لدي العراق على مشاركة الشيخ عبدالله السالم حاكم الكويت وممثل عن حاكم البحرين في حفل تتويج الملك فيصل في العراق لأنه لا يحقق للحكومة العراقية استقبال ممثلين عن الكويت والبحرين لأن ممثل ايران يمثلهما معاً، كما احتجت على زيارة ملك العراق للكويت في العام نفسه دون استئذان ايران بحجة ان الكويت من ممتلكاتها.
  5. انشاء مدرسة في دبي لا يدخلها سوى الايرانيين عام ١٩٥٧م وتدرس اللغة الفارسية وتعطي دروس في العسكرية والجاسوسية وتروج أن هذه الأراضي هي أراضي تابعة لإيران اغتصبت منها وستعيدها، كما افتتحت في البحرين عام ١٩١٣م مدرسة بمنهج ولباس ونظام فارسي وحصص عسكرية علنية ويحصل طلابها على منح في الجامعات الايرانية وتصدق شهاداتهم من ادارة التعليم في بوشهر الايرانية.

    كل ما سبق هو غيض من فيض، وفي الفترة حتى خمسينات القرن الماضي، وما زالت هذه الأطماع موجودة ومستمرة، لذلك فالخطر الذي يتهدد دول الخليج بسكانه باختلاف مذاهبهم وأصولهم وانتماءاتهم هو الخطر الايراني بلا شك.

السبت، 4 يونيو 2011

العملية هيىــبرون Operation Hebron



     لست من عشاق الروايات البوليسية أو الجاسوسية بشكل عام والتي اشتهرت طوال سنوات الحرب الباردة وانحسرت بنهايتها، لكن هذه الرواية المثيرة تجبرك على قراءتها وأكثر من ذلك أنك لا تستطيع أن تتركها لتستكملها في وقت لاحق، وقد قرأت هذه الرواية من ٥ سنوات تقريباً وعدت لقراءتها مجدداً، ربما لأن عقلي المتآمر دعاني لذلك في هذا الوقت وفي هذه الظروف، ولكم أن تتخيلوا هذه الظروف :) كما من حقكم أن تفكروا في ذلك وفق قراءاتكم للأحداث المختلفة :).

     تكمن أهمية الرواية واثارتها في ٣ نقاط:

الأولى: أن مؤلفها إيريك جوردان عميل سري لـ CIA عمل في مناطق كثيرة في منطقة الشرق الأوسط منها ليبيا، لبنان، ايران واسرائيل بالاضافة الى دول أوروبية وأفريقية، ثم عمل كضابط اتصال في إدارة الشرق الأوسط في الإستخبارات الأمريكية ثم مستشار استخباراتي للرئيس الأمريكي رونالد ريغان، لذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن هذه الرواية ربما مزجت بين الحقيقة والخيال وهو ما جعل محمد حسنين هيكل يصفها: "بالخيال الملتبس بالحقيقة والحقيقة الملتبسة بالخيال" فكانت تأكيداً لحقائق بشكل روائي.

الثانية: هو الأسلوب الأدبي المثير الذي كتبت به هذه الرواية (وكيف لا وكاتبها رجل استخباراتي لمدة ٣٠ سنة)، فالرواية تأخذك باثارة وتصاعد مستمر للأحداث حتى نهايتها المثيرة وكأنك تتمنى لم كان هناك المزيد من الصفحات.

الثالثة (الأهم): الفكرة المثيرة التي بنيت عليها الرواية، ففكرة الرواية تدور حول مشروع استخباراتي اسرائيلي على أعلى المستويات من السرية والمغامرة لايصال عضو كونجرس أمريكي وعميل إسرائيلي لمدة ٢٠ سنة الى سدة الرئاسة في أمريكا وتم تسمية هذه العملية بالعملية هيبرون، ومبررات هذا القرار الذي جاء في وقت كانت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أسوء حالاتها، هو ليس مجرد التأثير في السياسة الأمريكية والذي تملكه اسرائيل بالفعل بل السيطرة على أقوى مكتب على سطح الأرض كما صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي في الرواية.

     تبدأ الرواية بصوت طلقات نارية مساء اعلان نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية في مبنى سكني في واشنطن العاصمة، ينتج عنه ٣ جثث غارقة في بحر من الدماء والأشلاء، ورجل يحدق مصدوماً في هذه الجثث، وبعد أن يفيق من هذه الصدمة يتصل على سفارته الإسرائيلية التي تطلب منه انتظار الشرطة وعدم التصريح بشيء اعتماداً على حصانته الدبلوماسية، أما القتلى ويا لسخرية القدر كضحية انتقام قاتلة محترفة فهم الرئيس الأمريكي والعميل الإسرائيلي المنتخب للتو والذي تواجد صدفة للقاء مدير مكتب الموساد في واشنطن الذي قتل كذلك بالاضافة لقاتل مأجور كان شريكاً للقاتلة، ثم تتوالى بعد ذلك أحداث الرواية المثيرة.

     ورغم أن هذه الخطة قد عرف فيها الرئيس الأمريكي عن طريق الرئيس الروسي الذي عرف بهذا المخطط عن طريق عميل روسي في اسرائيل، اتضح فيما بعد أنه رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الموساد، إلا أنه لم يكتشف حقيقة هذا المرشح الأمريكي والعميل الإسرائيلي إلا بعد اعلان نجاحه في الانتخابات وقتله في صدفة غريبة (ويا لمحاسن الصدف :).

     بعد هذا المختصر عن الرواية وحتى لا أكثر عليكم من التفاصيل لاعطائكم فرصة لقراءة الرواية، فاعتقد اتضحت الصورة في السبب الذي دعاني للكتابة عنها، كما أن هذه الرواية تستحق القراءة فهي ممتعة بجميع تفاصيلها:).




لتحميل الرواية

الأربعاء، 1 يونيو 2011

جلسة الثلاثاء: الشيطان يكمن في التفاصيل


ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار مالم تزود

     هذا ما ختمت به البوست الأخير "غريغوري السابع والقديس برنار والشيخين ناصر وأحمد" عن الصراع بين سلطتين أو رأسين في الحكومة والأسرة، وتساءلت فيه: هل سيسهم الشيخ ناصر المحمد في فشل أحمد الفهد في تفنيد الاستجواب المستحق المقدم له أم ستكون كلفة نجاح الفهد على المحمد عالية؟، ولكن هذه الأيام وما جاءت به من أخبار ما هان عليها ان تتركنا ننتظر طويلاً، ففي يوم الثلاثاء كان الخبر اليقين.

     "الشيطان يكمن في التفاصيل" فمعرفة أدق تفاصيل ما حدث في جلسة الأمس يعطينا صورة واضحة وجلية لحجم الصراع بين أقطاب الأسرة في الحكومة، والتي يبدو أن ناصر المحمد خرج منها منتصراً حتى الآن أمام أحمد الفهد، واللي ما يدري منو طقاقه.

     يبدو أن ما حدث في جلسة الأمس تم الاعداد له جيداً وبخبث من قبل رئيس الحكومة بمساعدة أطراف عده، وهذا ربما لم يغب عن ذهن أحمد الفهد الذي دخل المجلس دون أن يتخذ قراراً بمواجهة الاستجواب أو طلب احالته للتشريعية، وإن كان متفاجئاً بحجم هذا المخطط لذلك كان متردداً بين الخيارين، وهذا ما يفسر تناقض الأخبار بصعوده المنصة من عدمه منذ أن تقديم الاستجواب له، ويدلل عليه أن الفهد لم يقدم مبررات طلبه احالة الاستجواب المقدم له للجنة التشريعية.

     بدأ المخطط بتصريح العفاسي بأن الحكومة تركت الخيار للوزير المستجوب بصعود المنصة او طلب تحويل الاستجواب للتشريعية او الدستورية وكل وزير يتحمل مسؤولية قراره ، في نسف واضح لمبدأ التضامن الوزاري، في الوقت الذي صرح فيه ناصر المحمد بقراره صعود المنصة وتفنيد الاستجواب الموجه له والموضوع في جدول اعمال المجلس خلف بند الاستجواب الموجه للفهد، لكن المحمد طلب التأجيل اسبوعين بعد طلب أحمد الفهد احالة استجوابه للتشريعية رغم أن المحمد غادر البلاد مباشرة، فكيف سيناقش المحمد الاستجواب المقدم له؟.

     كذلك من الواضح أن التضامن الحكومي في الجلسة كان ضعيفاً جداً في مقابل ما تعرض له أحمد الفهد من هجوم المستجوبين ونواب كتلتهم، في الوقت الذي اكتفت فيه الحكومة بمداخلتين هزيلتين من الوزيرين البصيري والمليفي لم توقف الهجوم والتجريح السياسي الذي يتعرض له الفهد، وكأن الأمر لا يعني الحكومة والتي كانت أكثر حده وشراسة في الرد على استجوابات أخرى لوزراء آخرين.

     وما ينطبق على الحكومة ينطبق كذلك على رئيس مجلس الأمة والذي كان على غير العادة آكثر أريحية وتسامح في ادارته لجلسة الاستجواب مقارنةً بجلسات استجواب أخرى، بل أنه مارس في فترات نوع من الضغط على الوزير المستجوب بحثه أحمد الفهد على الصعود للمنصة والرد على الاستجواب.

     أما موقف الأعضاء من طلب أحمد الفهد احالة استجوابه للجنة التشريعية فمجرد القاء نظرة على الأسماء التي رفضت طلب الفهد يغني عن الكثير، فمن يصدق أن خالد العدوة وسعد الخنفور وسعد زنيفر وعسكر العنزي ومحمد الحويلة ومخلد العازمي وغانم اللميع من الممكن أن يصوتوا ضد طرف قوي في الحكومة كأحمد الفهد إلا أن يكون من أمرهم أقوى منه.

     إن ما تحمله الأيام القادمة سيكشف الكثير مما لا زال خافياً عن حقيقة الصراع السياسي الحكومي الأسري في الكويت، فاستجواب المحمد تم تأجيله اسبوعين كما أن احالة استجواب الفهد للجنة التشريعية ووصول ردها سيستغرق اسبوعين كذلك، فهل يستغل الفهد هذه المهلة لترميم وسد الثغرات الكثيرة في صفوفه، ام تعطي هذه المهلة المحمد الوقت اللازم لاحكام الخناق حول الفهد؟، ومرة أخرى:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار مالم تزود

الأربعاء، 25 مايو 2011

غريغوري السابع والقديس برنار والشيخين ناصر وأحمد


     منذ أن تنصرت أوروبا الوثنية عام ٣١٣م باعلان الإمبراطور قسطنطين الأول مرسوم ميلانو بإلغاء العقوبات على المسيحيين ظهر خلاف كاد أن يعصف بالمسيحية حيناً وبالنظام الإمبراطوري والسياسي الأوروبي حيناً آخر شغل حيزاً كبيراً من الفكر الأوروبي الديني والسياسي وهو الخلاف بين السلطتين الزمنية التي يمثلها الأباطرة والملوك وبين السلطة الدينية التي يمثلها رجال الدين المسيحيين والبابوية في روما، واستمر الخلاف حتى آمنت أوروبا بأن العلمانية هي الحل وكفا الله المسيحيين شر استمرار القتال.

     ومن رجال الدين المسيحيين الذين ساءهم هذا الصراع فحاولوا أن يوجدوا حلولاً توفيقية القديس برنار والبابا غريغوري السابع، حيث تبنى القديس برنار فكراً يرى أن العالم تحكمه سلطتان دنيوية أو زمنية وهي الإمبراطورية، ودينية أو روحية وهي البابوية، وجعل القديس برنار السيف رمزاً لكل سلطة، وتبنى البابا غريغوري السابع نفس الفكر لكنه استبدل السيفين بالشمس والقمر واعتبر السلطتين متكاملتين رغم أنهما متمايزتين وكأن احداهما تغني مع نوال للأخرى:

تدري انا وياك قصتنا مثل شمس وقمر ..
من اول الوقت حتى آخره ما ينتهون ..
كلن يدور صاحبه .. كلن يدور صاحبه ..
حكم القدر .. تشرق تبيه يغرب يبيها ..
وبالسماء يتخالفون ..

     إن وجود سلطتين دينية وزمنية مشكلة والأسوأ منها وجود سلطتين دينيتين أو زمنيتين كما هو الحال مع ناصر المحمد وأحمد الفهد واللذان يعتبران أقوى أطراف السلطة الآن في غيابٍ واضح لوزير الدفاع جابر المبارك لظروف صحية أو ذكاءاً منه (نواخذة اثنين في مركب يطبع).

     لا يخفى على من يتابع الشأن المحلي حجم الصراع بين الشيخين والذي يظهر للسطح أحياناً وأحياناً أخرى يبقى تحت الرماد كوميض نارٍ يوشك أن يكون له ضرام، فنجد أن هذا الصراع كثيراً ما يطفو على السطح عند ظهور بوادر تقديم استجواب أو تقديمه بالفعل لأحد الطرفين فيسارع هذا الطرف حمايةً لنفسه بالإيعاز للأطراف المحسوبة عليه لتقديم استجواب أو يركب موجة استجواب مستحق للطرف الآخر، لذلك حاول كلا الطرفان أن يمسك خيوط اللعبة بيده، فناصر المحمد استطاع السيطرة على وسائل الاعلام وربط نفسه بالعديد من الشخصيات المتنفذة، في حين استطاع أحمد الفهد أن يضع لنفسه طابعاً مقبولاً مقارنة بناصر المحمد بين صفوف المواطنين وامتلاكه خطة التنمية بميزانيتها الضخمة وبنودها الهلامية والتي أسالت لعاب الكثيرين، بالاضافة الى منافسته لناصر المحمد في بسط نفوذه على عدد كبير من النواب والذين يميلون طرباً اذا مع كل طرف وفق مصالحهم.

     ويأتي استجواب كتلة العمل الوطني لأحمد الفهد كاحدى حلقات هذا الصراع  ولا يعني هذا تأكيد أو نفي علاقة ناصر المحمد في تقديمة بل من المؤكد محاولته للاستفادة من نتائجه، فتقديم الحكومة استقالتها كان الهدف منه هو حماية أحمد الفهد الذي رفض صعود المنصة رغم اعلانه استعداده صعود المنصة والتي كان يدفعه لها ناصر المحمد بحجة أنه صعدها مرتين، فجاء استجواب صالح عاشور لوزير الخارجية محمد الصباح على طبق من ذهب وربما بإيعاز من أحمد الفهد لخلط الأوراق جيداً حتى تصبح المطالبة بتقديم الحكومة استقالتها ليس مطلباً لأحمد الفهد فقط فتم ذلك.

     بعد تشكيل الحكومة الجديدة قدمت كتلة العمل الشعبي استجواباً لناصر المحمد كما وعدت، كما كان من الواضح أن كتلة العمل الوطني ستقدم استجواباً آخر لأحمد الفهد وهو ما هددت به اذا ما عاد للوزارة، فصرحت بعض المصادر أن أحمد الفهد كان يطالب بأن يصعد جميع المستجوبين المنصة وإياك أعني يا ناصر المحمد الذي يرى أن صعوده المنصة الآن مغامرة غير مأمونة العواقب خصوصاً أن اعلان عدم التعاون في استجوابه الأخير قبل تقديم الحكومة استقلالتها حصد ٢٣ صوتاً، أو البحث عن مخارج أخرى بتحويل الاستجوابات الى المحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية، لكن الدفع المستمر من ناصر المحمد لصعود أحمد الفهد منصة الاستجواب وهو ما تم تداوله بأنه تم تخيير أحمد الفهد بين صعود المنصة أو الاستقالة خصوصاً بعد تقديم استجواب آخر لناصر المحمد، فأعلن اليوم كما ذكرت بعض المصادر وبصورة مفاجأة صعوده المنصة وهو من التزم الصمت في الأيام السابقة وهم ما نفاه أحمد الفهد ولكن لا دخان دون نار وإن كنت أرجح بحثه عن مخرج غير صعود المنصة.

     الآن أحمد الفهد على المحك ليس في الاستجواب فقط بل حياته ومستقبله السياسي فإما أن يكون أو لا يكون، فنجاحه في تفنيد محاور الاستجواب  يعطيه دفعة معنوية وسياسية تجعله بديلاً جاهزاً ومحتملاً لناصر المحمد والذي سيعاني من ضغطوط سياسية وشعبية، وستجعل البعض يفكر في الخروج من معسكره الى معسكر أحمد الفهد، خصوصاً وأن ناصر المحمد نجح بهروب واضح في تأجيل مناقشة استجوابه سنة كاملة في سابقة خطيرة، أما فشل أحمد الفهد فهي نهاية مستقبله السياسي وفي أضعف الايمان سيفقد الكثير من الرصيد الشعبي والنيابي الذي يتمتع به نوعاً ما.

     فهل سيساهم ناصر المحمد في فشل أحمد الفهد في تفنيد الاستجواب أم ستكون كلفة نجاح أحمد الفهد على ناصر المحمد عالية؟ وفي كلا الحالتين فمصائب قوم عند قوم فوائد، فهناك أطراف أخرى تعمل لازاحة أحدهما وان كانت تفضل ازاحة أحمد الفهد لتدخل هي في قصبة السباق.

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار مالم تزود