الخميس، 11 أغسطس 2011

٢ أغسطس ١٩٩٠م والتاريخ العبء

     يميز المفكر القومي العربي قسقطنطين زريق بين التاريخ العبء والتاريخ الحافز ، فنجد أن من مجموع مؤلفاته الكثيرة كتابين أحدها بعنوان "نحن والتاريخ" والآخر بعنوان "نحن والمستقبل" وهو تأكيد على أهمية التاريخ والمستقبل دون طغيان أحدها على الآخر فلا افراط ولا تفريط في تاريخ الأمم ولا مستقبلها كذلك، فنجد الماضي أحياناً ما يكون أفيوناً للشعوب ومخدراً لها تجتر من خلاله آلامها بدلاً من ان يكون حافزاً ومستنهضاً لها ، فالتاريخ حمال أوجه يستدعى وقت الانتصارات ووقت الهزائم.

     ويمر علينا خلال هذا الشهر الكريم الذكرى ٢١ للغزو العراقي لدولة الكويت في ٢ أغسطس ١٩٩٠م واحتلال أرض وتشريد شعب، فكل عام نستحضر الذكرى ولا نستلهم العبره ، نستعيد الآلام ونتناسى الآمال ، فالأحداث الداخلية المتكررة والأزمات التي لا تنتهي تدلل على أننا كحكومة وشعب لم نستوعب دروس الماضي ، فالحكومة بعيدة كل البعد تحقيق طموحات مواطنيها وآمالهم ، بل انها الفاعل الرئيسي فيما يحدث من تصدع للجبهة الداخلية دون ان تعي من درس الغزو ان تماسك المواطنين بجميع فئاتهم والتفافهم حول القيادة الشرعية كان العامل الأساسي في تحرير بلادنا .

     إن الأمم القوية هي من تجعل من آلامها وقوداً لمستقبلها ونقطة فاصلة للانتقال من حالة العجز الى حالة القدرة ، فتستعيد دروس الماضي وتحول هذا التاريخ المؤلم الي التاريخ الحافز بدلاً من أن يكون عبئاً عليها ، فيجب شحذ الهمم لوعي دروس الغزو في زمانه ومكانه دون أن نلبسه رداء الحاضر ونحمله وزر الواقع واللحظة كأن نقول كلما صادفتنا مشكلة "كله من الغزو" ، فاليابان لم تنس هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وضربها بقنبلتين ذريتين وتقيم أيام ذكرى هذه الهزيمة لكنها جعلتها تاريخاً حافزاً  لنهضتها وتطورها.

     يجب أن تتغير نظرتنا الى الغزو العراقي للكويت في ٢ أغسطس ١٩٩٠م ، فنجد فيه سر قوتنا ومنطلقاً لمستقبلنا ، نتخذه ذكرى لشحذ الهمم ومراجعة للنفس ، وفرصة لنقد الذات لا جلده .